جديد الموقع
الرئيسية / أخبار المجمع / جانب من فعاليات اليوم الثاني للمؤتمر السنوي للمجمع بعنوان: “اللغة العربية في جنوبيّ شرق آسيا”
جانب من فعاليات اليوم الثاني للمؤتمر السنوي للمجمع بعنوان: “اللغة العربية في جنوبيّ شرق آسيا”

جانب من فعاليات اليوم الثاني للمؤتمر السنوي للمجمع بعنوان: “اللغة العربية في جنوبيّ شرق آسيا”

استمرت صباح يوم الخميس الموافق للتاسع والعشرين من آب لعام 2024م، جلسات فعاليات المؤتمر السنوي الذي عقده المجمع برعاية صاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال، بعرض خمس أوراق بحثية موزّعة على جلستين حواريتين، محور الأولى منهما بعنوان: “تعليم وتعلّم اللغة العربية في جنوب شرق آسيا”، حيث ترأّسها عضو المجمع الأستاذ الدكتور فتحي ملكاوي، وقُدمت فيها ثلاث أوراق بحثية، الورقة الأولى جاءت بعنوان: “الحالة التعليمية للغة العربية في ماليزيا ومجالات الابتكار فيها”، للأستاذة الدكتورة رحمة بنت أحمد الحاج عثمان، أستاذة الأدب الإسلامي، قسم اللغة العربية وآدابها، في الجامعة اﻹسلامية العالمية بماليزيا وآخرين، والورقة البحثية الثانية بعنوان: “رحلة الشعر العربي إلى أرخبيل الملايو/ للشاعر الإندونيسيّ حمزة الفنسوري أنموذجًا، للدكتور عباس عبدالحميد عباس من الجامعة العربية المفتوحة، أما الورقة البحثية الثالثة فكانت بعنوان: ” تعليم اللغة العربية في جامعة بروناي دار السلام”، للأستاذ الدكتور محمد محي الدين، من جامعة بروناي.
وتحدّثت الدكتورة الحاج عثمان عن حضور اللغة العربية في ماليزيا، من مثل اشتقاق الكتابة الجاوية من الكتابة العربية واستعمالها في كتابة اللغة الملايوية، مؤكّدةً أنّ الإسلام كان عاملًا رئيسًا في انتشار اللغة العربية وتطورها في ماليزيا حتى اليوم، فمن أجل فهم تعاليمه بذل الماليزيون جهودًا جادةً لتعلم اللغة العربية وتعميق معارفهم بها، وبفضل جهودهم أصبحت العربية من أهم اللغات في ماليزيا، بل أُدرجت في المناهج التعليمية الماليزية، فضمان إتقان اللغة العربية أولوية في نظام التعليم الماليزي، بدءًا من التعليم في رياض الأطفال وصولاً إلى مؤسسات التعليم العالي، العامة والخاصة.
وقد بينت الحاج عثمان أن الهدف من هذا البحث هو بيان الحالة التعليمية للغة العربية في ماليزيا، والكشف عن الابتكارات التي قدَّمها الباحثون الماليزيون من خلال الاستعراض المنهجي للدراسات السابقة، وتحديد مجالات الابتكار في تعزيز المحتوى الشابكي لتعليم اللغة العربية وتعلمها في ماليزيا، فقد اعتُمد المنهج العربي رسميًّا بدءًا من1يناير1977م، مع تعيين إحدى عشرة مدرسةً ثانويةً دينيةً حكوميةً تابعةً لإدارة المجلس الإسلامي الولائي، أو دائرة الشؤون الإسلامية، وأسَّست وزارة التعليم مدارس ثانويةً وطنيةً دينيةً جديدةً تُعرف بالمدارس الثانوية الوطنية الإسلامية، واليوم هناك أكثر من (56) مدرسةً من هذا النوع في جميع أنحاء البلاد.
وجاءت الورقة البحثية الثانية التي قدمها الدكتور عباس عبدالحليم عباس كاشفةً عن العلاقات الثقافية بين حضارة العرب وشعوب جنوبيّ شرق آسيا، من الأمم الإسلامية وغيرها ممن هي بحاجة لمزيد من التأمل والتمحيص، وذلك للوقوف على الأثر الحقيقي للغة العربية والأدب العربي في ثقافة هذه الأمم والحضارات، ومنها حضارة شعوب الملايو، وفي مقدمتهم الشعب الإندونيسي، كما كان لحركة الترجمة، وعناية الجامعات والمدارس ومناهجها والتعليم الديني بثقافتنا العربية دور لا يقل عن دور التجارة ورحلات العلماء والأدباء في هذا السياق.
وقد تتبّع الدكتور عباس الطرق التي سلكها الإبداع الشعري العربي في رحلته إلى تلك الجزر، وتجلية طبيعة الخطاب الذي تأثر به شعراء الملايو وأشكاله الشعرية، وكذلك معرفة أبرز الشعراء العرب الذين تأثر بهم شعراء إندونيسيا، ومنهم الشاعر “حمزة الفنسوري” وملامح تأثره بالخطاب الشعري العربي، ولا سيما الشعر الصوفي، ثم تقديم أنموذج مهمّ من الشعراء الإندونيسيين، للوقوف على طبيعة تأثرهم بشعرنا العربي، شكلًا ومضموناً.
واستعرض الأستاذ الدكتور محمد محي الدين في ورقته تجربة جامعة بروناي دار السلام في توظيف المستحدثات التكنولوجية في الأنشطة الأكاديمية من خلال برامج كانفس (Canvas)، وبرامج ماكروسوفت (أوفيسMicrosoft 365) للطلاب والمحاضرين، حيث وفّرت الجامعة الإمكانيات والوسائل لتطوير تعليم وتعلّم اللغة العربية، ودعمت تعليم اللغة العربية بتوفير أدوات إعداد وتصميم وإنتاج وإخراج الموارد السمعية والبصرية والبرامج الإلكترونية التفاعلية، كمركز التعليم والتعلّم المستمرّ مدى الحياة، الذي لا يحدّه مكان ولا زمان، وتساعد الطالب على التعلّم الذاتي الذي ينمي مهاراته اللغوية.
وقد أوصى الدكتور محي الدين بالاستفادة من تجربة جامعة بروناي دار السلام في توظيف المستحدثات التكنولوجية في التعليم وتعلّم اللغة العربية، وضرورة أن يكون الطالب الجامعي محورًا للعملية التعليمية، وأن يكون دور معلم اللغة أكثر أهميةً، حيث يتفرغ للتوجيه والإرشاد والمتابعة، مع ضرورة إعادة النظر في مناهج وبرامج تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها؛ لدعم المستحدثات التكنولوجية، ودعم التعلّم النشط والذاتي والتعليم المدمج.
وفي الجلسة الثانية التي ترأّسها الدكتور الصادق الفقيه، الأمين العام لمنتدى الفكر العربي نوقشت ورقتان بحثيتان: الأولى للأستاذ الدكتور عبد القادر سلامي، والباحثة الأكاديمية كوثر قرارية من جامعة تلمسان في الجزائر الشقيقة، بعنوان: “اكتساب اللّغة العربيّة لغةً ثانيةً/ تجربة الطّلبة الصّينيين بمركز التعليم المكثّف للغات بجامعة تلمسان اختياراً”، والثانية بعنوان: “نشر الثقافة الإسلامية بالصلوات الجهرية للناطقين بغير العربية”، للدكتور محمد السيد من جامعة السلطان الشريف علي الإسلامية في سلطنة بروناي، دار السلام.
وقد أشار الدكتور السلامي إلى الأسباب والدوافع الموضوعية لاختيار موضوع البحث، أَجملها في عدد من النقاط، أهمّها أن اللغة العربية من اللغات المعترف بها عالميًا، ولها القدرة على تعزيز العلاقات التواصلية، وتعميق الروابط التجارية والاقتصادية بين دول العالم، ومدى اهتمام الأجانب بها، وإقبالهم على تعلّمها، والوقوف على واقع تعليم العربية للطلبة الصينيين بمركز التعليم المكثف للغات بجامعة تلمسان، والاطلاع على الصعوبات التي يواجهها الطلبة هناك.
وأكّد الدكتور محمد السيد في ورقته على ضرورة إيجاد طريقة لتثقيف المسلمين الناطقين بغير العربية بالثقافة الإسلامية، وتحبيب العربية وتقريبها إلى نفوسهم، وشرح تفاسير الآيات القرآنية من أماكن متعددة في القرآن، تبحر بهم في رحاب الثقافة الإسلامية الواسعة، ومعانيها الغنيّة التي تثري معجمهم اللغوي بالتراكم، وتضفي إليهم البهجة والحماس لتعلّم المزيد من هذه اللغة، وبذلك يصبح تطبيق المنهج الديني دعوةً هادئةً إلى الانغماس في فيض الأنوار القرآنية تكرارًا وترسيخًا، وفتح باب لتعلم اللغة العربية بغير عَناء ولا كُلفة.
وفي نهاية الجلسة الثانية عُقدت مناقشة حوارية بين الأساتذة المشاركين وجمهور الحضور، واختتم المؤتمر بجلسة ترأّسها الأستاذ الدكتور محمد حوّر، وقَدّمت فيها الدكتورة رحمة عثمان كلمة المشاركين، وانتهت الجلسة بتلاوة البيان الختامي والتوصيات التي جاءت على النحو الآتي: الدعوة إلى تبنّي استراتيجيّة قوميّة عالميّة لتعزيز اللغة العربية، تكون موجّهةً للناطقين بها وبغيرها، وتعتمد على الفكر العلمي لترجمة الأفكار التجريدية والنظريات إلى برامج عمل ملموسة على أرض الواقع، وتعزيز العمل المؤسسيّ في وضع المعاجم العربية الحديثة سواء العامة أو المتخصّصة، والتركيز على الأسلوبية المبدعة في مخاطبة الآخر بجميع المستويات أمر ضروريّ لتفعيل اللغة العربية عالمياً، والسعي لزيادة المحتوى العربي على الشابكة (الإنترنت)، تأليفاً وترجمةً بلغة سليمة، إضافةً إلى تكثيف نشر نصوص مختارة من الشعر العربي تكون موجّهةً إلى جميع الفئات العمرية، والدعوة إلى إقامة مبادرة تبني الجسور وتحيي اللغة بين الشعوب العربيّة وشعوب الملايو، وإقامة شراكات بين وسائل الإعلام العربيّة، وتلك المؤثرة في جنوبيّ شرق آسيا؛ للاستفادة منها في نشر معلومات دقيقة حول الجوانب الثقافيّة والتاريخيّة والدينيّة لكلا الجانبين، وتشجيع ودعم المراكز والهيئات المعنيّة بتحفيظ القرآن الكريم وعلومه؛ لتمكين الملكة اللغويّة لغير الناطقين بالعربيّة، ودعم التّواصل بين مراكز تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها في البلاد العربية، وبلاد الملايو؛ لتعزيز المهارات اللغويّة، مثل: فهم النصوص، والمحادثة، والترجمة، وإجراء المزيد من الدراسات عن علماء إندونيسيا وجنوبيّ شرق آسيا الذين استقروا في الحرمين الشريفين، مع التركيز على إسهاماتهم العلميّة، في مجال علوم اللغة العربية، ومراجعة هيئات التدريب والتطوير، في المملكة العربيّة السعوديّة، للحلقات التدريبيّة للمعلمين والمشرفين، في تعليم اللغة العربية في إندونيسيا، بهدف تطوير تعليمها وجذب الراغبين في تعلمّها، وتعزيز جهود العاملين في خدمة المهتمين بتعلّم اللغة العربية وتعليمها في إندونيسيا، لتصبح العربية جزءًا من النسيج الوطنيّ للغة الأم، وتطوير المناهج التعليميّة الخاصّة بتعليم العربية في دول الأرخبيل بما يتناسب مع الابتكارات الحديثة، والتركيز على دمج الأدبين العربي وآداب أهل الأرخبيل بالترجمة؛ لتعزيز التبادل الثقافي والمعرفي، وتبنّي المجمع لمشروع ترجمة، يعمل على تشجيع المترجمين لترجمة أعمال لغوية وأدبية قديمة وحديثة من العربية إلى لغات الملايو وبالعكس، والاستفادة من تجربة جامعة بروناي في توظيف المستحدثات التكنولوجية في تعليم العربية وتعلّمها، وإعادة النظر في مناهج تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، بالإفادة من المستحدثات التكنولوجية، وتعزيز مكانة العربية بوصفها لغةً عالميةً رابطةً بين الأمم والشعوب، من خلال إرثها الفكري والمعرفي والثقافي الخالد، وتوسيع نطاق عمل المجامع اللغوية العربية، لتشمل مشاريعُها وبرامجُها الدول الناطقة بغير العربية، والاهتمام بمجالات تعليم اللغة العربية لغةً ثانيةً، وضرورةُ تطويرها وتمثيلها أحسن تمثيل، وتفعيل الأنشطة الاتصاليّة الحديثة في تطوير طرق تعليم العربيّة، وتقريبها من الراغبين في تعلمّها من الناطقين بغيرها، وتكوين لجان متخصصة في تعليم اللغة العربية ونشرها في الدول الإسلامية الناطقة بغير العربية، ودعوة الباحثين والمسؤولين لتأليف المناهج الدراسية؛ للاستزادة من ثقافات الشعوب الإسلامية وتعليم اللغة العربية.