جانب من لقاء رئيس المجمع الأستاذ الدكتور محمد عدنان البخيت، لضيف المجمع الأستاذ الدكتور أحمد المعتوق من السعودية صباح يوم الأحد الموافق الخامس عشر من أيلول لهذا العام.
ويذكر أن الأستاذ المعتوق حاصل على شهادة الدكتوراة في الأدب والنقد من جامعة بنسلفانيا ــ الولايات المتحدة الأمريكية عام ١٩٨٧م مع تخصص فرعي في الأدب المقارن، وقد عمل أستاذاً بقسم الدراسات الإسلامية والعربية ـ جامعة الملك فهد للبترول والمعادن سابقاً.
أخبار المجمع
جانب من فعاليات اليوم الثاني للمؤتمر السنوي للمجمع بعنوان: “اللغة العربية في جنوبيّ شرق آسيا”
استمرت صباح يوم الخميس الموافق للتاسع والعشرين من آب لعام 2024م، جلسات فعاليات المؤتمر السنوي الذي عقده المجمع برعاية صاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال، بعرض خمس أوراق بحثية موزّعة على جلستين حواريتين، محور الأولى منهما بعنوان: “تعليم وتعلّم اللغة العربية في جنوب شرق آسيا”، حيث ترأّسها عضو المجمع الأستاذ الدكتور فتحي ملكاوي، وقُدمت فيها ثلاث أوراق بحثية، الورقة الأولى جاءت بعنوان: “الحالة التعليمية للغة العربية في ماليزيا ومجالات الابتكار فيها”، للأستاذة الدكتورة رحمة بنت أحمد الحاج عثمان، أستاذة الأدب الإسلامي، قسم اللغة العربية وآدابها، في الجامعة اﻹسلامية العالمية بماليزيا وآخرين، والورقة البحثية الثانية بعنوان: “رحلة الشعر العربي إلى أرخبيل الملايو/ للشاعر الإندونيسيّ حمزة الفنسوري أنموذجًا، للدكتور عباس عبدالحميد عباس من الجامعة العربية المفتوحة، أما الورقة البحثية الثالثة فكانت بعنوان: ” تعليم اللغة العربية في جامعة بروناي دار السلام”، للأستاذ الدكتور محمد محي الدين، من جامعة بروناي.
وتحدّثت الدكتورة الحاج عثمان عن حضور اللغة العربية في ماليزيا، من مثل اشتقاق الكتابة الجاوية من الكتابة العربية واستعمالها في كتابة اللغة الملايوية، مؤكّدةً أنّ الإسلام كان عاملًا رئيسًا في انتشار اللغة العربية وتطورها في ماليزيا حتى اليوم، فمن أجل فهم تعاليمه بذل الماليزيون جهودًا جادةً لتعلم اللغة العربية وتعميق معارفهم بها، وبفضل جهودهم أصبحت العربية من أهم اللغات في ماليزيا، بل أُدرجت في المناهج التعليمية الماليزية، فضمان إتقان اللغة العربية أولوية في نظام التعليم الماليزي، بدءًا من التعليم في رياض الأطفال وصولاً إلى مؤسسات التعليم العالي، العامة والخاصة.
وقد بينت الحاج عثمان أن الهدف من هذا البحث هو بيان الحالة التعليمية للغة العربية في ماليزيا، والكشف عن الابتكارات التي قدَّمها الباحثون الماليزيون من خلال الاستعراض المنهجي للدراسات السابقة، وتحديد مجالات الابتكار في تعزيز المحتوى الشابكي لتعليم اللغة العربية وتعلمها في ماليزيا، فقد اعتُمد المنهج العربي رسميًّا بدءًا من1يناير1977م، مع تعيين إحدى عشرة مدرسةً ثانويةً دينيةً حكوميةً تابعةً لإدارة المجلس الإسلامي الولائي، أو دائرة الشؤون الإسلامية، وأسَّست وزارة التعليم مدارس ثانويةً وطنيةً دينيةً جديدةً تُعرف بالمدارس الثانوية الوطنية الإسلامية، واليوم هناك أكثر من (56) مدرسةً من هذا النوع في جميع أنحاء البلاد.
وجاءت الورقة البحثية الثانية التي قدمها الدكتور عباس عبدالحليم عباس كاشفةً عن العلاقات الثقافية بين حضارة العرب وشعوب جنوبيّ شرق آسيا، من الأمم الإسلامية وغيرها ممن هي بحاجة لمزيد من التأمل والتمحيص، وذلك للوقوف على الأثر الحقيقي للغة العربية والأدب العربي في ثقافة هذه الأمم والحضارات، ومنها حضارة شعوب الملايو، وفي مقدمتهم الشعب الإندونيسي، كما كان لحركة الترجمة، وعناية الجامعات والمدارس ومناهجها والتعليم الديني بثقافتنا العربية دور لا يقل عن دور التجارة ورحلات العلماء والأدباء في هذا السياق.
وقد تتبّع الدكتور عباس الطرق التي سلكها الإبداع الشعري العربي في رحلته إلى تلك الجزر، وتجلية طبيعة الخطاب الذي تأثر به شعراء الملايو وأشكاله الشعرية، وكذلك معرفة أبرز الشعراء العرب الذين تأثر بهم شعراء إندونيسيا، ومنهم الشاعر “حمزة الفنسوري” وملامح تأثره بالخطاب الشعري العربي، ولا سيما الشعر الصوفي، ثم تقديم أنموذج مهمّ من الشعراء الإندونيسيين، للوقوف على طبيعة تأثرهم بشعرنا العربي، شكلًا ومضموناً.
واستعرض الأستاذ الدكتور محمد محي الدين في ورقته تجربة جامعة بروناي دار السلام في توظيف المستحدثات التكنولوجية في الأنشطة الأكاديمية من خلال برامج كانفس (Canvas)، وبرامج ماكروسوفت (أوفيسMicrosoft 365) للطلاب والمحاضرين، حيث وفّرت الجامعة الإمكانيات والوسائل لتطوير تعليم وتعلّم اللغة العربية، ودعمت تعليم اللغة العربية بتوفير أدوات إعداد وتصميم وإنتاج وإخراج الموارد السمعية والبصرية والبرامج الإلكترونية التفاعلية، كمركز التعليم والتعلّم المستمرّ مدى الحياة، الذي لا يحدّه مكان ولا زمان، وتساعد الطالب على التعلّم الذاتي الذي ينمي مهاراته اللغوية.
وقد أوصى الدكتور محي الدين بالاستفادة من تجربة جامعة بروناي دار السلام في توظيف المستحدثات التكنولوجية في التعليم وتعلّم اللغة العربية، وضرورة أن يكون الطالب الجامعي محورًا للعملية التعليمية، وأن يكون دور معلم اللغة أكثر أهميةً، حيث يتفرغ للتوجيه والإرشاد والمتابعة، مع ضرورة إعادة النظر في مناهج وبرامج تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها؛ لدعم المستحدثات التكنولوجية، ودعم التعلّم النشط والذاتي والتعليم المدمج.
وفي الجلسة الثانية التي ترأّسها الدكتور الصادق الفقيه، الأمين العام لمنتدى الفكر العربي نوقشت ورقتان بحثيتان: الأولى للأستاذ الدكتور عبد القادر سلامي، والباحثة الأكاديمية كوثر قرارية من جامعة تلمسان في الجزائر الشقيقة، بعنوان: “اكتساب اللّغة العربيّة لغةً ثانيةً/ تجربة الطّلبة الصّينيين بمركز التعليم المكثّف للغات بجامعة تلمسان اختياراً”، والثانية بعنوان: “نشر الثقافة الإسلامية بالصلوات الجهرية للناطقين بغير العربية”، للدكتور محمد السيد من جامعة السلطان الشريف علي الإسلامية في سلطنة بروناي، دار السلام.
وقد أشار الدكتور السلامي إلى الأسباب والدوافع الموضوعية لاختيار موضوع البحث، أَجملها في عدد من النقاط، أهمّها أن اللغة العربية من اللغات المعترف بها عالميًا، ولها القدرة على تعزيز العلاقات التواصلية، وتعميق الروابط التجارية والاقتصادية بين دول العالم، ومدى اهتمام الأجانب بها، وإقبالهم على تعلّمها، والوقوف على واقع تعليم العربية للطلبة الصينيين بمركز التعليم المكثف للغات بجامعة تلمسان، والاطلاع على الصعوبات التي يواجهها الطلبة هناك.
وأكّد الدكتور محمد السيد في ورقته على ضرورة إيجاد طريقة لتثقيف المسلمين الناطقين بغير العربية بالثقافة الإسلامية، وتحبيب العربية وتقريبها إلى نفوسهم، وشرح تفاسير الآيات القرآنية من أماكن متعددة في القرآن، تبحر بهم في رحاب الثقافة الإسلامية الواسعة، ومعانيها الغنيّة التي تثري معجمهم اللغوي بالتراكم، وتضفي إليهم البهجة والحماس لتعلّم المزيد من هذه اللغة، وبذلك يصبح تطبيق المنهج الديني دعوةً هادئةً إلى الانغماس في فيض الأنوار القرآنية تكرارًا وترسيخًا، وفتح باب لتعلم اللغة العربية بغير عَناء ولا كُلفة.
وفي نهاية الجلسة الثانية عُقدت مناقشة حوارية بين الأساتذة المشاركين وجمهور الحضور، واختتم المؤتمر بجلسة ترأّسها الأستاذ الدكتور محمد حوّر، وقَدّمت فيها الدكتورة رحمة عثمان كلمة المشاركين، وانتهت الجلسة بتلاوة البيان الختامي والتوصيات التي جاءت على النحو الآتي: الدعوة إلى تبنّي استراتيجيّة قوميّة عالميّة لتعزيز اللغة العربية، تكون موجّهةً للناطقين بها وبغيرها، وتعتمد على الفكر العلمي لترجمة الأفكار التجريدية والنظريات إلى برامج عمل ملموسة على أرض الواقع، وتعزيز العمل المؤسسيّ في وضع المعاجم العربية الحديثة سواء العامة أو المتخصّصة، والتركيز على الأسلوبية المبدعة في مخاطبة الآخر بجميع المستويات أمر ضروريّ لتفعيل اللغة العربية عالمياً، والسعي لزيادة المحتوى العربي على الشابكة (الإنترنت)، تأليفاً وترجمةً بلغة سليمة، إضافةً إلى تكثيف نشر نصوص مختارة من الشعر العربي تكون موجّهةً إلى جميع الفئات العمرية، والدعوة إلى إقامة مبادرة تبني الجسور وتحيي اللغة بين الشعوب العربيّة وشعوب الملايو، وإقامة شراكات بين وسائل الإعلام العربيّة، وتلك المؤثرة في جنوبيّ شرق آسيا؛ للاستفادة منها في نشر معلومات دقيقة حول الجوانب الثقافيّة والتاريخيّة والدينيّة لكلا الجانبين، وتشجيع ودعم المراكز والهيئات المعنيّة بتحفيظ القرآن الكريم وعلومه؛ لتمكين الملكة اللغويّة لغير الناطقين بالعربيّة، ودعم التّواصل بين مراكز تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها في البلاد العربية، وبلاد الملايو؛ لتعزيز المهارات اللغويّة، مثل: فهم النصوص، والمحادثة، والترجمة، وإجراء المزيد من الدراسات عن علماء إندونيسيا وجنوبيّ شرق آسيا الذين استقروا في الحرمين الشريفين، مع التركيز على إسهاماتهم العلميّة، في مجال علوم اللغة العربية، ومراجعة هيئات التدريب والتطوير، في المملكة العربيّة السعوديّة، للحلقات التدريبيّة للمعلمين والمشرفين، في تعليم اللغة العربية في إندونيسيا، بهدف تطوير تعليمها وجذب الراغبين في تعلمّها، وتعزيز جهود العاملين في خدمة المهتمين بتعلّم اللغة العربية وتعليمها في إندونيسيا، لتصبح العربية جزءًا من النسيج الوطنيّ للغة الأم، وتطوير المناهج التعليميّة الخاصّة بتعليم العربية في دول الأرخبيل بما يتناسب مع الابتكارات الحديثة، والتركيز على دمج الأدبين العربي وآداب أهل الأرخبيل بالترجمة؛ لتعزيز التبادل الثقافي والمعرفي، وتبنّي المجمع لمشروع ترجمة، يعمل على تشجيع المترجمين لترجمة أعمال لغوية وأدبية قديمة وحديثة من العربية إلى لغات الملايو وبالعكس، والاستفادة من تجربة جامعة بروناي في توظيف المستحدثات التكنولوجية في تعليم العربية وتعلّمها، وإعادة النظر في مناهج تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، بالإفادة من المستحدثات التكنولوجية، وتعزيز مكانة العربية بوصفها لغةً عالميةً رابطةً بين الأمم والشعوب، من خلال إرثها الفكري والمعرفي والثقافي الخالد، وتوسيع نطاق عمل المجامع اللغوية العربية، لتشمل مشاريعُها وبرامجُها الدول الناطقة بغير العربية، والاهتمام بمجالات تعليم اللغة العربية لغةً ثانيةً، وضرورةُ تطويرها وتمثيلها أحسن تمثيل، وتفعيل الأنشطة الاتصاليّة الحديثة في تطوير طرق تعليم العربيّة، وتقريبها من الراغبين في تعلمّها من الناطقين بغيرها، وتكوين لجان متخصصة في تعليم اللغة العربية ونشرها في الدول الإسلامية الناطقة بغير العربية، ودعوة الباحثين والمسؤولين لتأليف المناهج الدراسية؛ للاستزادة من ثقافات الشعوب الإسلامية وتعليم اللغة العربية.














برعاية صاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال حفظه الله-جانب من فعاليات المؤتمر السنوي للمجمع:”اللغة العربية في جنوبيّ شرق آسيا”
بتنظيم من مجمع اللغة العربية الأردني، وتحت رعاية سمو الأمير الحسن بن طلال المعظم، انطلقت صباح اليوم الأربعاء الموافق للثامن والعشرين من آب لعام ٢٠٢٤م، في قاعة عبدالكريم خليفة، فعاليات المؤتمر السنوي، بعنوان: “اللغة العربية في جنوبيّ شرق آسيا”، بحضور رئيس المجمع الأستاذ الدكتور محمد عدنان البخيت، وعدد من السادة الوزراء والسفراء والأعضاء العاملين والأساتذة المختصين والأكاديميين، وجمهور من المفكرين والباحثين، وأساتذة الجامعات محلياً وعربياً وعالمياً.
وجاء اختيار موضوع المؤتمر لهذا العام رغبةً من المجمع في التعرّف على واقع اللغة العربية في جنوب شرق آسيا، والوقوف على الأثر الحقيقي للغة العربية والأدب العربي في ثقافة هذه الأمم والحضارات، فكثير من أبناء اللغة العربية ودارسي آدابها يجهلون هذا الأثر الضارب في القدم، والمستمر حتى عصرنا الحاضر.
وقد استُهلّ المؤتمر بكلمة لرئيس المجمع رحّب فيها بالضيوف الكرام، وتحدّث فيها عن موضوع المؤتمر الذي استوقف مؤرّخي الأدب لإيجادِ إجابةٍ شافية عنهُ منْ خلالِ النقوشِ والرواياتِ المحليةِ، فقال:
“درج القول: إن الإسلام وصل إلى بلدان جنوبيّ شرق آسيا عن طريق التجار، ولكنَّنَا لا نعرف بدقّة كيف انتشر الإسلام في تلك البلدان المحاطة بشبه القارة الهندية والصين، وكانَ كلّ منهما يسعى بمعتقداته إلى النفاذ لهذه البلدان”.
وأضاف قائلًا: “بدأت صلة العرب مع هذهِ المنطقة بالهجرة المستمرة من جنوبيّ اليمن إلى تلك البلدان، ومع انتشار الطرق الصوفية انتشر الإسلام بين سكانها وتعززت مكانة اللغة العربيةِ لديهم،… ولعب موسم الحجّ إلى مكة المكرمة دوراً كبيراً في تعريف الحجاج القادمين منْ العالم الإسلاميّ على الحجاج منْ أرخبيل الملايو”.
وختم كلمته بالتساؤل عن كيفية حفاظ هذه الدول على الإسلام وعلى الحرف العربيِّ، وما هَو مستقبل اللغة العربية في تلك الديار؟
ثم ألقى صاحب السمو الملكي الأمير الحسن كلمةً خاصةً بهذا الخصوص أكّد فيها أهمية تبني استراتيجية قومية عالمية لتعزيز اللغة العربية، تكون موجّهةً للناطقين بالعربية وبغيرها؛ وذلك لنشر اللغة العربية والحفاظ عليها.
ودعا إلى ضرورة الاعتماد على الفكر العلمي لترجمة الأفكار التجريدية والنظريات إلى برامج عمل ملموسة على أرض الواقع والبحث عن الأنساق، وتبني النظرة الكلية لتحري الروابط في المنظومة الفكرية والعلمية.
وأشار سموه إلى أن تعزيز العمل المؤسسي في وضع المعاجم العربية الحديثة سواء العامة أو المتخصصة، والتركيز على الأسلوبية المبدعة في مخاطبة الآخر بجميع المستويات أمر ضروري لتفعيل اللغة العربية عالميًا.
ولفت إلى أهمية السعي لزيادة المحتوى العربي تأليفاً وترجمةً على شبكة الانترنت، بلغة سليمة، إضافةً إلى تكثيف نشر نصوص مختارة من الشعر العربي تكون موجّهةً إلى جميع الفئات العمرية.
ونوه سموه أن اللغة ليست نحوًا وصرفًا وبلاغةً فقط، وإنما هي أيضا فكر وتراث، ومن هنا يأتي الاهتمام بواقع اللغة العربية في جنوبيّ شرق آسيا والعالم أجمع، من حيث انتشارها ونشرها وتعليمها وتعلمها.
وقال سموه إن ما يجمع الشرق الموسع هو التنوع الديني والثقافي والإثني، ضمن الكيانية أي الهوية الجامعة، مشددًا سموه على أهمية التنوّع المبني على احترام الآخر.
وتضمّن برنامج المؤتمر الذي سيعُقد على يومين متتاليين: الأربعاء والخميس الموافقين للثامن والعشرين والتاسع والعشرين من هذا الشهر جلستين حواريتين في اليوم الأول، تولى إدارة الجلسة الأولى التي كان محورها “انتشار اللغة العربية في جنوبي شرق آسيا” عضو المجمع الأستاذ الدكتور علي محافظة، عرض فيها كل من الدكتور الصادق الفقيه، الأمين العام لمنتدى الفكر العربي في الأردن، ورقةً بحثيةً عنوانها: “اللسان المبين: جسر بين العرب والملايو”، والدكتورة جلنار الصوص، من وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، والدكتور محمد الشامي، من جامعة الأقصى في غزة، ورقةً بحثيةً، عنوانها: “وصول اللغة العربية جاوة الشرقية، وأسباب إقبال الناس على تعلمها”.
وقد تحدث الصادق عن أن عالم الملايو ينتشر في جميع أنحاء جنوب شرق آسيا، وهم يعترفون بأهمية اللغة العربية، معتبرين أنها تحمل دلالةً رمزيةً سامية، ولها دور محوري، في تعزيز وتطور تراثهم الثقافي، وتحديث المجتمع الإسلامي الملاوي، بدءًا من الأدب والشعر إلى النصوص والخطاب الديني.
كما أشار إلى أن الهدف من هذه الدراسة هو التأكيد على العربية كرمز للتراث الثقافي والمعرفة العميقة الجذور، التي يمكن التعرف عليها من خلال استكشاف الجوانب التأسيسية والتحفيزية للغة العربية كجسر للتواصل من خلال منهج تاريخي تحليلي يؤكد على أن الاعتراف بأهميتها كان دائمًا دلالة على التشابك التاريخي والثقافي بين التقاليد العربية والملاوية التي لا تزال تُؤثر على تطور المجتمع الإسلامي الملاوي حتى يومنا هذا.
أما الورقة البحثية الثانية المعنونة بـ: “وصول اللغة العربية جاوة الشرقية، وأسباب إقبال الناس على تعلمها”، فقد بيّن فيها الدكتور محمد الشامي، والدكتورة جلنار الصوص كيفية دخول اللغة العربية إلى جاوة الشرقية سواء عبر تجار أو علماء أو عبر مؤسسات أو لجان إسلامية وعن سبب إقبال الناس على تعلمها، وأبرز مراكز تعليم اللغة العربية في جاوة الشرقية، والمصادر والمراجع التي أسهبت في الحديث عن دخول اللغة العربية إلى إندونيسيا عمومًا، وإلى جاوة الشرقية خصوصًا، مع لقاء مع أساتذة اللغة العربية في جامعة من جامعات جاوة الشرقية التي بها أقسام لتعليم اللغة العربية.
أما الجلسة الثانية التي حملت عنوان “دور العرب في نشر اللغة العربية في جنوب شرقيّ آسيا”، فقد أدارها الدكتور عبدالحليم عباس، وقُدمت فيها ورقتان بحثيتان: الأولى حاضر فيها الدكتور موتمباي إهونغومو، من كلية القانون الكويتية العالمية في الكويت، وكانت بعنوان: “جهود علماء أندونيسيا المجاورين في الحرمين في خدمة علوم اللغة العربية/ نووي الجاوي وعبد الحق الجاوي والفاداني نماذج، والثانية حاضرت فيها الدكتورة ديما زهير الكردي، من جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية من المملكة العربية السعودية، والدكتور محمد الشامي، من جامعة الأقصى في غزة، بورقة بحثية بعنوان: “دور المملكة العربية السعودية في نشر اللغة العربية في إندونيسيا(معهد العلوم الإسلامية والعربية أنموذجًا).
وعن جهود علماء أندونيسيا المجاورين في الحرمين في خدمة علوم اللغة العربية”، ودور علماء جنوبي شرق آسيا في خدمة العربية تدريسًا وتعليمًا لكتبها ومؤلفاتها، وتأليفًا لمتون وشروح وحواشٍ في النحو والصرف والبلاغة والوضع، وغير ذلك من علوم العربية تحدث الدكتور موتمباي في بحثه مشيرًأ إلى ثلاثة من أبرز علماء أندونيسيا المشهورين، وهم: الشيخ محمد نووي الجاوي، والشيخ عبد الحق الجاوي، والشيخ محمد ياسين الفاداني، وتسليط الضوء على جهودهم الواضحة في تدريس علوم العربية، من خلال الكتب التي قرأوها وشيوخهم الذين تلقوا عنهم علوم اللغة، وتلاميذهم الذين حملوا علمهم من بعدهم، ومؤلفاتهم وكتبهم في علوم العربية.
وفي الورقة البحثية الثانية التي كانت عبر الزووم عرضت الدكتورة ريما زهير الكردي في بحثها المشترك مع الأستاذ محمد الشامي أهم إسهامات معهد العلوم الإسلامية والعربية في إندونيسيا، التابع لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية خلال عقود ممتدة منذ تأسيس المعهد سنة ١٤٠٠هجرية، إلى يومنا هذا، والتوسع في دراسة مدى تطبيق أهدافه، ودوره في التخريج، منذ إنشائه إلى وقتنا الحاضر، حيث خرّج ما يزيد على (٢١٠٠٠) طالبٍ وطالبة، شاركوا في ازدهار وتنمية المجتمع الإندونيسي، ومجتمعات دول جنوب شرق آسيا.
واختتمت فعاليات اليوم الأول من المؤتمر بجلسة حوارية شارك فيها عدد من الحضور والأساتذة المحاضرين حول المواضيع المطروحة.
صدور العدد الثاني عشر للإطلالة المجمعية
صدر من منشورات المجمع “العدد الثاني عشر للإطلالة المجمعية” (رابط التحميل)
جانب من ندوة “تجربتي مع اللغة العربية” التي قدمها الأستاذ الدكتور موسى الناظر
نظّم مجمع اللغة العربية الأردني صباح اليوم الأربعاء الواحد والثلاثين من تموز لعام ٢٠٢٤م، ضمن سلسلة الندوات الشهرية التي أعلن عنها سابقًا، ندوةً حواريةً بعنوان “تجربتي مع اللغة العربية”، حاضر فيها عضو المجمع الأستاذ الدكتور موسى الناظر، وأدارها عضو المجمع الأستاذ الدكتور علي محافظة رئيس لجنة الندوات والمحاضرات، بحضور الأستاذ الدكتور رئيس المجمع، وعدد من الأعضاء العاملين والأساتذة المتخصصين والأكاديميين، وطلبة الجامعات وجمهور من المفكرين والمهتمين.
افتتحت الندوة بترحيب الأستاذ رئيس المجمع بالحضور، والثناء على جهود لجنة الندوات والمحاضرات والمؤتمرات التي تعدّ مفردات هذه الندوات، تلاه تعريف الدكتور المحافظة بجانب من سيرة الدكتور الناظر العلمية.
كما رحّب المحاضر بجمهور الندوة، وشكر لرئيس المجمع، ولأعضاء لجنة الندوات والمؤتمرات ترشيحهم له لاستحضار مسار حياةٍ مع اللغة العربية التي توطّدت علاقته بها لتصبح علاقة محبةٍ ومتعة، مبنيةٍ على جمال في المبنى والمعنى، لا تخطئُه الحواس، حيث قال: “كان الخيط الأول في نسيج هذه العلاقة عندما تمكّنت يدي من رسم أول كلمة في كتاب من سلسلة يندر لها مثيل، من كتب “الجديد في القراءة” للمربي المبدع خليل السكاكيني، حيث تعددت الخيوط وتمتّنت مع كل درس محوره نص خفيف لطيف جميل مصاغ بلغة سلسة، مألوفة المفردات، أو نص من تراث عربي يتميّز بحكمة أو فكاهة وإثارة”.
وأضاف: “لم تكن سلسلة الجديد كتباً لتعليم القراءة والكتابة فحسب، بل كانت دستور حياة، فيها صحة، وعلم، وسلوك وأخلاق، وفكاهة ومتعة، ملأت غرفة الصف بمظاهر البهجة والانفعال، وكسبنا أثناءها محبة اللغة العربية ومتعتها، واكتسبنا القدرة على القراءة والكتابة”.
وانتقل الناظر بعدها للحديث عن مرحلة الدراسة الثانوية في أوائل خمسينيات القرن الماضي، حيث النشاطات الحزبية التي استقطبت اهتمام الطلبة، والطابور الصباحي الذي كان بمثابة منبر ثقافي، ومعلم اللغة العربية (حسن عياد) الذي كان له عظيم الأثر في تنمية حب اللغة وترسيخ جذورها في نفوس طلبته، حيث كانت جميعها شعلةً ترعى مسار الطلبة وتقود مواهبهم الإبداعية للأمام.
وعن حضور العربية في مرحلة التعليم الجامعي، يقول: “وفرت لنا هذه المرحلة احتكاكاً فكرياً وثقافياً، وإن كان بعضها خلافياً بعد غربة تلت وغياب للعربية عن استخدامات في التعلم والتعليم تجاوز العقد من الزمن، كادت خلاله أن تصبح عربيةً لغير الناطقين بها”. ويضيف: “لكن سرعان ما عدت الى أرض الوطن، وعادت لغتي إلى أصلها واستقام النطق بها، فلقد رأيت على أرض الأردن ما يستحق العودة والعمل”.
وفي نقل تجربته التعليمية في الأردن، أشار الناظر إلى أنه شارك عددًا من الزملاء في تأسيس كلية العلوم في الجامعة الأردنية، وبناء أقسامها بكل مكوناتها المادية والبشرية، كما كانت له مشاركة مكثّفة في تصميم مناهج العلوم والكيمياء والإشراف على تأليف كتبها، مع أحد الزملاء من أعضاء المجلس الحالي الدكتور فتحي ملكاوي، كما اشترك مع المرحومين الزميلين الدكتور علي عبندة، والدكتور عمر الشيخ بتصميم منهاج علوم للصف التاسع الأساسي المبني على تكامل العلوم، وفق ما كان سائداً عالمياً.
ويذكر تجربته في المناهج والتأليف، في دولة اليمن الشقيقة، التي أتاحت له فرصة التعايش مع أهلها، والتعرّف على الحياة العربية الأصيلة وتجربته في مشروع المساعدات الدولية، الذي اشتمل على تصميم مناهج حديثة في العلوم والرياضيات واللغة العربية، وإعداد مؤلفين محليين لتأليف كتب مدرسية، وَفقها، تحل محل كتب مستوردة انتجت لغير اليمن.
وفي خلاصة تجربته مع العربية، ذكر أنها: ” أكبر من إطلالة سريعة مجتزأة تُتناول في سياق تجارب عديدة أخرى تعرض في هذه المناسبة، أو غيرها، فلها واجب الدراسة المستفيضه والمعالجة التي تستحق”، وأضاف: “لكنني انتهز الفرصة لأعتذر للغتي العربية عن أي قصور في إعطائها دورها الكامل في تدريس العلوم”.
ويصل الناظر في تجربته مع اللغة العربية إلى الجامعة الأردنية عندما استعرض كافة تفاصيل البيئه العلمية والتعليمية السائدة وتلمّس موقف الإدارة ومجلس الأمناء، والتشريعات التي تخصّ لغة التدريس في كلية العلوم، وعليه قرّر أن يضع بين يدي طلبته أحدث وأفضل المراجع والكتب التي سيتداولونها؛ لتصلهم بالمجتمع العلمي العالمي، من خلال تنمية قدراتهم على استخدام المصادر العلمية؛ وذلك بتوظيف اللغتين العربية والإنجليزيه لتحقيق هذه الأهداف.
وأشار الناظر في نهاية الندوة إلى دور المجمع المهم في إعداد مشروع ترجمة كتب متداولة في التدريس، حيث تمكّنت علاقته باللغة، وهُيئت له فرصة تعلم فريدة، عززت من إمكاناته اللغوية، كان من أبرزها وأبلغها أثراً تلك التي شارك العمل فيها مع الأستاذ محمد عدنان البخيت.
وختم حديثه باستفسار وجّهه إلى المجمع عن إمكانية إنتاج مواد محببة للأطفال واليافعين مزدانة بعبارات عربية جاذبة، وأن يعمل على نشرها بين الطلبة في المدارس؛ لتعزيز بيئتهم بالعربية السليمة المحببة.
واختتمت الندوة بمناقشات ومداخلات قدمها الحاضرون، وأجاب عنها الدكتور الناظر.
ويذكر أن الدكتور الناظر حاصل على درجة الدكتوراة في الكيمياء من جامعة هارفارد في الولايات المتحدة الأمريكية، ولديه الكثير من الخبرات التعليمية، والأكاديمية، والإدارية، والمؤلفات المدرسية والجامعية.
جامعة القدس تكرم البخيت وتوقّع مذكرة تعاون مع مجمع اللغة
كرّمت جامعة القدس ومركز القدس للأبحاث والدراسات التابع للجامعة، واللجنة العليا للقدس في ديوان الرئاسة الفلسطينية، ممثّلةً بالأستاذ الدكتور عماد أبو كشك رئيس الجامعة، والدكتور باسل الجعبري مستشار اللجنة العليا للقدس في دائرة الدراسات والأبحاث، والأستاذ معتصم تيم الأمين العام للجنة العليا للقدس، والدكتور غسان الديك عميد كلية القبول والتسجيل في الجامعة، رئيس مجمع اللغة العربية الأردني المؤرخ الكبير الأستاذ الدكتور محمد عدنان البخيت في رحاب المجمع، اليوم الأربعاء الموافق السابع عشر من تموز لعام ٢٠٢٤م.
ويأتي هذا التكريم وفقًا للأستاذ رئيس الجامعة، والوفد المرافق اعتزازًا بقامة أكاديمية مرموقة كرّست حياتها من أجل القدس والتوثيق لتاريخها، والدفاع عن الحق العربي الإسلامي الذي بدأ يتلاشى ويخفت صوته نتيجة تعقيد الصراع الصهيوني الفلسطيني، ومحاولات الإحلال التي تواجهها مدينة القدس، وللدور المثمر الذي نهض وينهض به الدكتور البخيت في سبيل الحفاظ على الإرث والتراث والتاريخ للقدس والمسجد الأقصى المبارك، الأمين على وثائقهما من خلال جمع السجلات والوثائق المملوكية والعثمانية وسجلات المحاكم الشرعية للمدن الفلسطينية: القدس، وحيفا، واللد، ونابلس، والخليل، وغيرها، إضافةً إلى جهوده في تصوير مخطوطات المكتبات الفلسطينية في يافا وعكا، ولجهوده في النهوض بهذا المشروع الوطني الكبير الذي بفضله وفضل المخلصين من أبناء الأمة حفظت هذه الأصول في مواجهة الهجمة الصهيونية الساعية إلى طمس التراث الفلسطيني، وعروبة فلسطين.
ووفق الوفد المكرِّم، فإن هذا التكريم الرمزي يأتي بمثابة قبلة عزّ وفخار على جبين هذا المرجع الأكاديمي لمدينة القدس التي أرّخ لمدنها وناسها، وخطّ طريقًا معبّدًا للباحثين وطلبة العلم؛ لإنتاج علمي ودراسات بحثية جادّة تصدّت للمشروع الصهيوني ودراساته العبثية، وما بخل يوماً على الباحثين من فلسطين والوطن العربي بجهد أو وقت أو ذخيرة من الوثائق وغيرها.
وأشار الأساتذة من اللجنة العليا للقدس ودائرة الدراسات والأبحاث في الجامعة إلى الجهود المبذولة في التوثيق للمُلكية الخالصة للمسجد الأقصى -من حيث تعريفه، فوق الأرض وتحتها- وآباره، وحائط البراق والبلدة القديمة، والممرات المائية وتفرعاتها، والوقفيات الإسلامية في عموم فلسطين، وأكدوا ضرورة التعاون مع المؤسسات المعنية في فلسطين والوطن العربي، ومراجعة التوثيق من المصادر، وتصويب ما وقع من أخطاء، والمشاركة في ترجمة ما يزيد على اثني مليون وثيقة باللغة الإنجليزية، والمساهمة في توثيق الرواية والسردية الحقيقية في كل ما يخصّ القدس.
وقد حضر اللقاء التكريمي الأساتذة: الدكتور همام غصيب، والدكتور إبراهيم بدران، والدكتور عيد الدحيات، والدكتور كامل العجلوني، والدكتور علي محافظة، والدكتور راتب السعود، والدكتور عبدالرزاق بني هاني، والدكتور سامر الدحيات، والأستاذ زيد البخيت.
كما وقّع المجمع وجامعة القدس ومركز القدس للأبحاث والدراسات مذكرة تفاهم لتوسيع أطر التعاون العلمي والجامعي والمعرفي، والاستفادة من الخبرات بين الطرفين في توثيق التاريخ، وتحقيق التراث العربي ونشره، واقتراح الأفكار والمبادرات والفعاليات؛ خدمةً لأهداف المؤسستين، وفق الإمكانات المتاحة.
وقد وقّع المذكرة عن المجمع رئيسه الأستاذ الدكتور محمد عدنان البخيت، وعن الجامعة رئيسها الأستاذ الدكتور عماد أبو كشك والأمين العام للجنة العليا للقدس الأستاذ معتصم تيم، بحضور الأساتذة الضيوف من كلا الطرفين.
وبموجب المذكرة، التي تستمر لمدة خمس سنوات، سيُعمل على تطوير التعاون في مجالات التوثيق وكتابة الرواية الفلسطينية العربية، والاستفادة من الخبرات العلمية والتاريخية الخاصة بالقضية الفلسطينية.
وقد حرّرت هذه المذكرة حسب الأصول في رحاب المجمع، من مقدمة وست عشرة مادة، بواقع نسختين أصليتين متطابقتين باللغة العربية.

















جانب من زيارة وفد من معهد سبيل
جانب من زيارة وفد من معهد سبيل لتدريس اللغة العربية للناطقين بغيرها، بإشراف الدكتورة هدى عمارنة، مكون من مجموعة من الطلبة التركيين والسويديين، يرافقه مجموعة من مدرسي المعهد، وعميد كلية الدراسات العربية في جامعة بولو – تركيا؛ الدكتور بلال جوكقر، ونائب عميد كلية الدراسات الإسلامية في جامعة بارطن – تركيا؛ الدكتور مراد ميراز أوجلو.
مجمع اللغة العربية الأردني ينعى رجل الأعمال والمصرفي موسى عبدالعزيز شحادة
بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره ينعى مجمع اللغة العربية الأردني ممثلاً برئيسه الأستاذ الدكتور محمد عدنان البخيت وأعضاء مجلسه والعاملين فيه، رجل الأعمال والمصرفي المرحوم بإذن الله موسى عبدالعزيز شحادة “أبو صفاء” رئيس مجلس إدارة البنك الإسلامي الأردني السابق، وعضو لجنة الاستثمار في المجمع، الذي أمضى عمره متفانياً مخلصاً مثابراً في عمله، والمجمع إذ ينعاه اليوم ليستذكر مناقبه الجمّة، ويدعو له بالرحمة وواسع المغفرة، ولأهله جميل الصبر والسلوان.
المجمع يعاين “تحقيق التراث” في موسمه الثقافي الثاني والأربعين
انطلقت في المجمع يوم الأربعاء التاسع عشر من ذي الحجة عام ١٤٤٥هـ، الموافق للسادس والعشرين من شهر حزيران ٢٠٢٤م، فعاليات الموسم الثقافي الثاني والأربعين، تحت عنوان “تحقيق التراث”، الذي استهلّ بكلمة خاصة للأستاذ الدكتور محمد عدنان البخيت رئيس المجمع، رحّب فيها بضيوف المجمع وأعضائه، وأثنى على جهود لجنة الندوات والمحاضرات التي أعدّت مفردات هذا الموسم.
وحول موضوع تحقيق التراث، قال الأستاذ الرئيس: “تحقيق المخطوطات موضوع قديم متجدد تعقد حوله الندوات منذ قيام المخطوطات العربية التابعة لجامعة الدول العربية سنة ١٩٤٦م؛ بهدف جمعها وفهرستها، وهناك اجتهادات حول عدد المخطوطات العربية في العالم، وأشير هنا إلى عناوين غير معروفة على وجه العموم وهي الكناشات والدشت، وأذكر هذين المصطلحين لأهميتهما، حيث باشرت مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي في لندن عام ٢٠٠٣م، بتشكيل فريقين لفحص محتويات الكناشات في دار الكتب المصرية والمكتبة السليمانية باستانبول، ثم بدأ العمل يتوسع ليشمل مقتنيات بقية المكتبات الرئيسة في العالم”.
وأضاف البخيت: “يلحظ القارئ في التاريخ لدى المسلمين مبالغة الرواة والمؤرخين الكبيرة في إيراد الأعداد، بخاصة عند ذكر المعارك التي خاضتها الجيوش الإسلامية، وهذا يستوجب التوقف عند ذلك لطرح عدد من الأسئلة، ويستدعي من المؤرخ أخذ هذه الأرقام والأعداد بحذر شديد، وأن يقارن مصادره في ضوء ما تورده مصادر أخرى معاصرة أو متأخرة”.
وأكّد الحاجة الماسة للنظام المتري للمكاييل والأوزان والمسافات، وأن على المؤرخين اعتماد نصوص متزامنة تسهم في الوصول إلى أرقام أدق، ومثال ذلك تحقيق النصوص العربية في زمن العثمانيين، والإفادة من المعلومات الغنية التي توردها دفاتر الطابو، حيث تذكر المدينة ومحلاتها والقرية والمزرعة والمطحنة، وكل التفاصيل المطلوبة، إضافةً إلى سجلات المحاكم الشرعية ودفاتر الأوقاف، وما تورده سجلات المحاكم الكنسيّة عن أعداد المسيحيين مقارنةً بما تقدمه دفاتر الطابو ودفاتر النفوس في القرن التاسع عشر إلى نهاية الدولة العثمانية عام ١٩١٨م.
واختتم قائلًا: “ونحن ندخل زمن الرقمنة فإن المتصدي لتحقيق المخطوطات بحاجة ماسّة إلى اكتساب مهارات جديدة في علم الحاسوب واللغات بخاصة لغات الشعوب الإسلامية، مما يقتضي إعداد جيل جديد من المختصين. والمجمع بدوره على استعداد لعقد دورات تدريبية لمن يرغب في هذا”.
وقد تضمنت الجلسة الأولى التي ترأسها عضو المجمع الأستاذ الدكتور فتحي ملكاوي، عرضًا لبحثين: الأول بعنوان “رحلتي في تحقيق التراث ونقده”، قدمه عضو المجمع الأستاذ الدكتور يوسف بكّار، والثاني بعنوان “تجربتي مع تحقيق كتاب الفلاحة الأندلسية لابن العوام”، قدمه عضو المجمع الأستاذ الدكتور سمير الدروبي.
وتحدث الدكتور بكار في بحثه عن أن إحياء التراث تحقيقًا وجمعًا ودراسةً واجب علمي وقومي وإنساني على كل أمة لكي يتسنى لنا أن نفهم الفكر العربي والحضارة الإسلامية، لنفضي إلى ما يستحق القبول والرفض والتجديد والعرض عرضًا معاصرًا؛ فقد وصل الآخر الغربي قديمه بحديثه في تحقيق الآثار اليونانية والرومانية قبل أن ينقل المستشرقون “صناعة” التحقيق إلى تراثنا ويعنون به قبلنا.
وعن تجربته في تحقيق التراث ونقده، قال: ” ليس “كلّ موروث يجب إحياؤه، وتحقيقه بالمعنى الدقيق؛ فإحسان عبّاس يرى أن الكتب التي تستحق التحقيق قليلة، وفيها الغث والسمين”، ولذا أخذت أعمالي في التحقيق وجمع الشعر تصدر تباعًا منذ العام ١٩٧٩م، مفيدًا فيها مما قرأته واطلعت عليه من الموروث الذي تأسست فيه، وقد أنجزت في التحقيق أعمالًا كاملةً وأجزاءً من بعض الأعمال الكاملة، وكان مجموع ما استدركته مئتين وثمانين عملًا من كتاب وبحث ومقالة، وعدد آخر يقترب من المئة. آمل أن يضمها جميعًا كتاب واحد يصدر في مستقبل الأيام”.
وأشار الدكتور سمير الدروبي في بحثه إلى أن تجربته مع كتاب تحقيق كتاب الفلاحة الأندلسية تجربة غنية وفريدة، فقد استطاع من خلالها الوقوف على أهم الأسس العلمية التي بني عليها علم الفلاحة، والإفادة من المعلومات الغزيرة في علم النبات والحيوان التي تشكل موسوعةً فلاحيةً ضخمةً، والاطلاع على الجهود العظيمة التي بذلها الكلدانيون والسريان واليونان والرومان والعرب وإنجازات علماء الفلاحين في الأندلس في هذا المضمار.
ثم بيّن الدروبي أن ابن العوام كان يؤلف كتبه على أساس يجمع بين التبحر العلمي في الكتب الإغريقية والعربية، وبين المعارف العلمية العميقة التي استفادها من التجارب المباشرة، وهو يقدم وصفًا دقيقًا لعدد يبلغ ٥٨٥ نوعًا من النباتات ذكر من بينها خمسةً وخمسين نوعًا من الأشجار المثمرة، وغيرها الكثير.
وأضاف: “إن فلاحة ابن العوام تقوم على منهج علمي صارم رفض فيه صاحبه السحر والعزائم والطلسمات التي تسربت الى فلاحة النبط واليونان، وآمن بالتجربة المبنية عى الرصد والملاحظة، وتسجيل النتائج”.
وأثنى الدروبي على جهود فريق عمل تحقيق الكتاب، وأشار إلى منهجية العمل التي تمثلت في قسمي الكتاب وفصوله الستة المتضمنة دلالة لفظة الفلاحة وحياة مؤلفه ومصادر الكتاب، وأهميته وقيمته العلمية ونشراته وترجماته ونسخته الخطية، ومنهجية العمل في التحقيق، كما أورد آراء وأقوال جملة من العلماء في تحقيق الكتاب، وأصداء نشرة مجمع اللغة العربية لكتاب الفلاحة لابن العوام.
وتضمنت الجلسة الثانية التي ترأسها عضو المجمع الأستاذ الدكتور محمد حوّر، عرضًا لبحثين: الأول قدمه الدكتور عمر القيام، من جامعة الزرقاء، بعنوان “فقه التحقيق بين عبدالسلام هارون وإحسان عباس”، والثاني قدمه الدكتور المهدي عيد الرواضية من الجامعة الأردنية، بعنوان “العلاقة المتبادلة بين كتب التراجم وكتب الجغرافيا والرحلات في التعريف بالأعلام البشرية والمكانية”.
وتحدث الدكتور عمر القيام في بحثه عن اثنين من أعلام التحقيق في العصر الحديث، هما الأستاذ المحقق عبد السلام هارون، والأستاذ الدكتور إحسان عباس، اللذان كان لهما إسهام غزير ومتنوع في تحقيق التراث، وأنهما- ونظرًا لضخامة المنجز العلمي لكليهما- فقد اختار الباحث منطقة مشتركة بينهما هي شروح الشعر الجاهلي، ومنها شرح القصائد السبع الطوال الجاهليات بشرح ابن الانباري وتحقيق عبد السلام هارون، وشرح ديوان لبيد بن ربيعة لأبي الحسن الطوسي بتحقيق إحسان عباس.
وأضاف: “إن كلا الشارحين ينتمي إلى المدرسة الكوفية ، بحيث يكون البحث محصورًا في هذه المساحة لتفحّص القيم المنهجية والمرجعيات العلمية والمعطيات الأخلاقية لشخصية المحقق من خلال هذا العمل لكل واحد منهما، بحيث يكون ذلك نموذجًا مختارًا من عشرات الكتب التي اضطلع المحققان بأعباء تحقيقها، وذلك بالوقوف على الفروق المنهجية الدقيقة بين المحققَين والناشئة عن اختلاف الرؤية المنهجية لكل منهما، حيث ظهر بقوة طغيان نزعة الشرح والتفسير والتأثر بمناهج المحدّثين في عمل الأستاذ عبد السلام هارون، في حين بدا واضحًا النزوع إلى الاقتصاد في الشرح لدى الدكتور إحسان عباس تأثرًا بالمنهجية الاستشراقية التي كانت تُعنى بإخراج النص التراثي المخطوط صحيحًا في المقام الأول”.
وتحدث الدكتور الرواضية في بحثه عن المؤلفات الكثيرة التي صنّفها العرب والمسلمون في العلوم وحقول المعرفة، وتحديدًا المؤلفات المخصوصة للتعريف بالبلدان والأماكن، إلى جانب كتب الرجال والتراجم والطبقات التي ظهرت وانبعثت لأجل تعقُّب رجال الحديث النبوي الشريف ورواته، وتمييز الثقات منهم عن الضعفاء والمتروكين والكَذَبة.
وأضاف: “وكان من وسائلها في ذلك ضبط تاريخ المولد ومكان الولادة، ثم تطور التأليف فيه ليشمل فئات أخرى؛ كالخلفاء والحكام والعلماء والأدباء والشعراء والنحاة والقراء والمفسرين والأطباء، ومن جرى مجراهم، وتضمنت هذه الكتب إفادات عن البلدان والمواضع في ثنايا تعرُّضها للأعلام وبسط ترجمتهم.
وبيّن الدكتور الرواضية الهدف من بحثه قائلًا: ” إن هذه الورقة بيان على أهمية كتب التراجم في تقديم معلومات جغرافية عن المدن والبلدان، والتعريف ببعض المواضع والأماكن، وأهمية كتب الجغرافيا والرحلات في الترجمة للأعلام، وبيان العلاقة المتبادلة بينهما، وتقديم نماذج دالة على خدمة كل نوع للآخر.
وترأس الجلسة الختامية عضو المجمع الأستاذ الدكتور إبراهيم السعافين وتلا فيها البيان الختامي والتوصيات التي كان أهمها: الاعتناء بتحقيق التّراث ونشره وفقًا للأسس العلميّة للتّحقيق، وبذل وسع الطّاقة في خدمة النصّ بدءًا من محاولة استقصاء المخطوطات في مظانّها المختلفة إلى تقديم النصّ وإخراجه على أحسن وجه ممكن، وتحقيق ما يضيف جديدًا ومهمًّا إلى العلم والمعرفة، وعدم اللّجوء إلى تحقيق المحقّق إلاّ إذا كان ثمّة مسوّغ علمي ومعرفي جديّ وحقيقيّ، وضرورة إعادة القراءة النقدية لجهود الرواد الأوائل من المحققين لاستلهام القيم العلمية والأخلاقية لعلم التحقيق، وإعادة النظر في الحالة المقلقة التي وصل إليها علم التحقيق بسبب كثرة المشتغلين فيه من غير ذوي الخبرة، وإنشاء مركز متقدم لعلم التحقيق يقدم دورات نظرية وتطبيقية لإعداد أجيال متمرسة بفن التحقيق، وضرورة أن تجتمع لدى محققي كتب التراجم العربية المعرفة بالنطاق الجغرافي للأعلام المترجَم لهم، ومراجعة نسبة الرجال على المصادر الجغرافية المتعلقة بهم لضبط نسبتهم، وتجاوز ما قد يتسرب إليها من تحريف وتصحيف، وكذا ضرورة استعانة محققي كتب الجغرافية والرحلات التي تتضمن أعلاماً بشرية بكتب التراجم والأنساب وكتب المشتبه ومعارضة النص التراثي عليها ضبطاً للأسماء وتثبتاً من صحة نسبتها، وإعادة نشر كتاب الفلاحة بالتعاون مع دار نشر مرموقة والاهتمام به في مجال النشر الإلكتروني في المجالات كافّة، وعقد مؤتمر دولي عن علوم الفلاحة ولغتها عند العرب، بالتعاون مع المنظمة العربية للتربية والتعاون والعلوم.
جانب من الجلسة الثانية وتلاوة التوصيات للموسم الثقافي الثاني والأربعين للمجمع (تحقيق التراث)