جديد الموقع
الرئيسية / مؤتمر التعريب الحادي عشر – التقرير الختامي

مؤتمر التعريب الحادي عشر – التقرير الختامي

تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم، ملك المملكة الأردنية الهاشمية، وباستضافة كريمة من مجمع اللغة العربية الأردني بعمّان وفي رحابه، عقدت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم المؤتمر الحادي عشر للتعريب، تحت شعار: تقانة المعلومات في خدمة المصطلح العلمي العربي، في الفترة: الأحد 12- الخميس 16 شوال 1429 هـ الموافق :الأحد 12– الخميس 16 تشرين الأول (أكتوبر) 2008 م.

حفل الافتتاح:

افتتح المؤتمر صباح يوم الأحد، بحضور  مندوب راعي المؤتمر، معالي الأستاذ الدكتور تيسير النعيمي وزير التربية والتعليم بالأردن عدد من الوزراء العرب ومن أعضاء السلك الدبلوماسي العربي المعتمد بعمّان، ومعالي الأستاذ الدكتور المنجي بوسنينة، المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، والأستاذ الدكتور ميلود حبيبي، مدير مكتب تنسيق التعريب، والسادة رؤساء وممثلي المجامع اللغوية والعلمية العربية، ووفود الدول العربية المشاركة، وممثلي بعض المؤسسات الجامعية والهيئات العربية المتخصصة، وجمهور عريض من الخبراء والأفراد المهتمين بقضايا اللغة العربية والتعريب والمصطلح.

وجرت مراسم افتتاح المؤتمر على  النحو الآتي:

بعد السلام الملكي، ألقى الأستاذ الدكتور عبدالكريم خليفة، رئيس مجمع اللغة العربية الأردني، كلمة شكر فيها جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، لتفضله برعاية مؤتمر التعريب الحادي عشر، الذي يعقد في المملكة الأردنية الهاشمية، في رحاب مجمعه الأردني للغة العربية، وللمرة الثانية خلال خمسين عاماً هي عمر مؤتمرات التعريب. وأشار إلى أن تهميش اللغة العربية وازدراءها يتم بصورة عملية وعلى أرض الواقع، في الوقت الذي تنص فيه معظم دساتير الدول العربية، على أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية. وأشار في ختام كلمته، إلى أن أمتنا العربية مدعوة، في أعلى مؤسساتها الرسمية، لوضع استراتيجية لغوية عربية ملزمة، خاصة وأنّ مزاحمة اللغات الأجنبية للغة العربية لم تكن في يوم من الأيام بأشرس ممّا هي عليه في هذه الأيام (وزعت الكلمة على المشاركين).

ثم تناول الكلام معالي الأستاذ الدكتور المنجي بوسنينة، المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، فاستهل كلمته بتوجيه الشكر الجزيل إلى جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم، ملك المملكة الأردنية الهاشمية، على تفضله برعاية المؤتمر، كما شكر معالي الأستاذ الدكتور تيسير النعيمي وزير التربية والتعليم بالمملكة الأردنية الهاشمية، رئيس اللجنة الوطنية الأردنية للتربية والثقافة والعلوم، مندوب راعي المؤتمر، على التعاون الصادق الذي أبدته الجهات المعنية لمجمع اللغة العربية “واللجنة الوطنية” الأردنية، من أجل توفير كل أسباب النجاح للمؤتمر، كما شكر الأستاذ الدكتور عبدالكريم خليفة، رئيس مجمع اللغة العربية الأردني، على تفضله باستضافة المؤتمر وتهيئة أسباب نجاحه.

ثم قدّم معالي الأستاذ الدكتور المنجي بوسنينة درع المنظمة إلى الأستاذ الدكتور عبدالكريم خليفة، رئيس مجمع اللغة العربية الأردني بعمّان، تقديراً لجهوده العظيمة في مجال التعريب بصفة خاصة، ولما أسداه من خدمات جليلة للغة العربية، بصفة عامة (وزعت الكلمة على المشاركين).

ثم ألقى مندوب راعي المؤتمر معالي الأستاذ الدكتور تيسير النعيمي، وزير التربية والتعليم بالمملكة الأردنية الهاشمية، كلمة حيّا فيها المشاركين في المؤتمر، ونقل إليهم تحيات القائد صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم وتقدير جلالته لعمق المسؤولية الملقاة على عاتق المؤتمرين. وأشار إلى أن التحديات التي يواجهها الوطن العربي لن نستطيع التغلب عليها إلا بمزيد من البناء وصدق الانتماء والتسلح بأسباب العلم والمعرفة، وإلى أن التفريط في اللغة العربية هو تفريط في الهوية وكسر لهيكل تماسك المجتمع العربي ووحدته (وزعت الكلمة على المشاركين).

الجلسة الإجرائية:

بعد استراحة قصيرة عقد المؤتمر جلسة إجرائية اقترح فيها:

أن تكون رئاسة المؤتمر الحادي عشر للتعريب للمملكة الأردنية الهاشمية، ممثلة في الأستاذ الدكتور عبدالكريم خليفة، رئيس مجمع اللغة العربية الأردني، فصادق المشاركون بالإجماع على هذا الاقتراح، ثم وافق المشاركون على تسمية مكتب المؤتمر ولجانه الثماني، المكلفة بدراسة مشاريع المعاجم العشرة المعروضة على المؤتمر، في موضوعات علم التشريح، والنقل، والتواصل اللغوي، والهندسة المدنية، وتكنولوجيا المعلومات، والغزل والنسيج والملابس، والتدبير المنزلي، وألفاظ الحضارة. على أن تنتخب كل لجنة مقررها.

وقد شكل مكتب المؤتمر على النحو الآتي:

  • أ.د. عبدالكريم خليفة، رئيس مجمع اللغة العربية الأردني (رئيساً).
  • أ.د. أحمد مطلوب، رئيس المجمع العلمي العراقي (نائباً أول للرئيس).
  • أ.د. علي فهمي خشيم، الأمين العام لمجمع اللغة العربية الليبي (نائباً ثانياً للرئيس).
  • أ.د. دفع الله عبدالله الترابي، رئيس الهيأة العليا للتعريب بالسودان (نائباً ثالثاً للرئيس).
  • أ.د. عبداللطيف عبيد، الأستاذ بجامعة تونس (مقرراً عاماً).

لجنة صياغة برئاسة أ.د. محمود السيد، عضو مجمع اللغة العربية بدمشق وعضوية كلّ من الأستاذ الدكتور عبدالحميد الفلاح الأمين العام لمجمع اللغة العربية الأردني، والأستاذ الدكتور محمّد حسن عبدالعزيز ممثل مجمع اللغة العربية بالقاهرة، المقرر العام، ومقرري لجان دراسة المعاجم المعروضة على المؤتمر.

جلسات العمل:

وفي جلسة عمل أولى، تم إقرار خطة أعمال اللجان والتي انطلقت على أثر ذلك.

وفي يومي الاثنين والثلاثاء، وعلى مدى ست جلسات، واصلت اللجان المتخصصة أعمالها، لدراسة المشاريع المعجمية المعروضة على المؤتمر.

وفي يوم الأربعاء، عقد المؤتمر جلستين خصصهما لإلقاء البحوث، وذلك على الشكل الآتي:

البحث الأول للأستاذ الدكتور عبدالغني أبو العزم، بعنوان: المعجم العربي، منهجيته وأسسه العلمية، في أفق تحويله إلى معجم إلكتروني، معجم الغني نموذجاً، جاء فيه أن من مهام المعجم ووظائفه مواكبة تطور اللغة في مختلف المجالات، مما يجعله خاضعاً للتجدد والإضافة. وإن قيمة أي معجم تكمن في قدرته على التكيف مع اللغة، اشتقاقاً وتوليداً وتعريباً، والكشف عن تطور مساراتها، والانفتاح على كل ما له علاقة بتطور العلوم . وأبرز المحاضر خصائص المعجم الإلكتروني ومتطلبات إنجازه (وزع البحث) .

البحث الثاني للأستاذ الدكتور محمد زكي خضر، بعنوان: اللغة العربية والترجمة الآلية- المشاكل والحلول، تحدث فيه عن تطور الترجمة الآلية بين اللغات العالمية وآخر ما وصل إليه التقدم في هذا  المجال، وعن الوضع الراهن للترجمة الآلية من اللغة العربية وإليها والمشاكل التي تعاني منها، ومن ثم تبيان الخطوات التي ينبغي اتباعها للتقدم في هذا المجال (وزع البحث).

البحث الثالث للأستاذ الدكتور عبداللطيف عبيد، بعنوان: المرصد المصطلحي، أداة لتطوير المصطلح العربي وإشاعته، جاء فيه أن العمل المصطلحي والمعجمي في الوطن العربي يحتاج في أيامنا هذه إلى إنشاء مؤسسات أو أجهزة أو آليات عصرية جديدة تستجيب للحاجات الطارئة والتغيرات الحاصلة وفي مقدمتها ما يستجد يومياً من مولَّدات مصطلحية ومستحدثات معجمية، وما تقتضيه هذه المولَّدات والمستحدثات من رصد وجمع وتدوين ومعالجة ونشر وتبادل للإفادة منها، والنظر في مدى إمكان تبنّيها واعتمادها وإثراء المعجم العربي اللغوي والعلمي والحضاري بها. ثم تناول البحث بالدراسة والتحليل، نشأة المؤسسات والهيئات المصطلحية والمعجمية في العصر الحديث، والمرصد اللغوي عامة، والمراصد اللغوية العربية خاصّة، والحاجة إلى مرصد مصطلحي عربي، كما بيّن الخدمات التي ينتظر من هذا المرصد المصطلحي أن يؤدّيها، ترقية للغة العربية عامّة وتطويراً لمصطلحاتها العلمية والتّقانيّة خاصة (وزع البحث).

البحث الرابع للدكتور مروان المحاسني، بعنوان: التعريب في سورية، تعرض فيه للتجربة السورية الرائدة في مجال التعريب. كما أشار إلى أن توحيد المصطلحات هو المرتكز الذي يدفع عن لغتنا اتهامها بالقصور، ويسمح بترجمة الأدب العالمي، ويفتح الباب واسعا أمام تعريب العلوم وتعميم الثقافة.

البحث الخامس للأستاذ الدكتور محمد حسن عبدالعزيز، بعنوان: المعجم التاريخي في ضوء المعجمية الحديثة، تناول فيه عنصرين أساسيين، تضمّن أولهما تعريفاً بالتغير اللغوي، وطبيعته ومظاهره، وتضمّن ثانيهما عرضاً موجزاً لدراسة تاريخية موسعة لثمانية ألفاظ متنوعة هي: قطار، وذرّة، وسياسة، وزنار، وترجمان، ووزير، وحاجب، وحكومة، قائمة على نصوص لغوية موثقة من الشعر والنثر، تنتمي إلى عصور اللغة العربية، من العصر الجاهلي حتى العصر الحديث، وكاشفة عما حدث لمبانيها ومعانيها من تغير.

كما قدم الدكتور محمود السيد، عضو مجمع اللغة العربية بدمشق، ملخصاً عن جانب من جهود مجمع اللغة العربية بدمشق في وضع المصطلحات، ووقف على أساليب العمل في وضع المعجميين للمصطلحات وعلى إنجازاتهم، ثم قدم عدداً من التوصيات.

وقدم الأستاذ الدكتور عبدالرحمن الحاج صالح، رئيس مجمع اللغة العربية الجزائري، مداخله حول أدوات البحث العلمي في علم المصطلح الحديث، ركّز فيها على ضرورة تطوير العمل المصطلحي العربي والإفادة من التقانات الحديثة، ورصد الاستعمال، لأن اللغة وضع واستعمال معاً.

البحث السادس للأستاذ الدكتور مصطفى عبدالسميع محمد، بعنوان: المعجم الموسوعي التربوي –أهميته- بناؤه- تقييمه، تناول فيه بالدراسة والتحليل مفهوم المعجم الموسوعي التربوي وأهميته وبناءه وتقييمه، وعرض قائمة معرِّفة بالمعاجم والموسوعات التربوية.

وقدّم الأستاذ الدكتور أحمد العلوي أطلس، رئيس اتحاد اللسانيين المغاربة، مداخلة عن تاريخ العربية وأسرة اللغات العروبيّة، تحدث فيها عن العربية وتاريخها في المغرب العربي، وسلّط الأضواء على محاولات التشكيك في أصالة العربية في هذا الجناح الغربي من الوطن العربي.

البحث السابع للدكتور علي القاسمي، بعنوان: “تجربة مكتب تنسيق التعريب في رصد المصطلحات وتوحيدها”، تحدث فيه عن أهداف المكتب ومنهجيته في رصد المصطلحات، مستعرضاً دور مجلة “اللسان العربي” ومؤتمرات التعريب في رصد المصطلحات الجديدة. كما تحدث عن المرصد اللغوي العربي للمصطلحات الذي يعكف المكتب على إنشائه، علماً بأن صاحب البحث لم يتمكن من عرضه بنفسه على المؤتمر، لأنه لم يتمكن من الحضور، لأسباب قاهرة (وزع البحث).

        كما استمع المشاركون إلى مداخلات بعض الوفود المشاركة حول واقع التعريب في بلدانهم، حيث تعاقب على المنصة كل من:

  • الأستاذ الدكتور دفع الله عبدالله الترابي، وقد تحدث عن تجربة التعريب في السودان.
  • الأستاذ الدكتور بسام بركة، وقد تحدث عن التجربة اللبنانية في مجال المعاجم، وفي خدمة اللغة العربية.
  • الأستاذ الدكتور محمد بن محمدين، وقد تحدث عن التعريب والترجمة في موريتانيا.
  • الأستاذ الدكتور فرحات الدريسي، وقد تحدث عن التجربة التونسية في التعريب.
  • الأستاذ الدكتور صالح بلعيد، وقد تحدث عن تجربة المجلس الأعلى للغة العربية بالجزائر في وضع الأدلة العلميّة.

وكان المجلس العلمي الاستشاري لمكتب تنسيق التعريب قد اجتمع على هامش المؤتمر عشية الثلاثاء 14/10/2008 برئاسة  الأستاذ الدكتور عبدالكريم خليفة رئيس مجمع اللغة العربية الأردني بعمّان لتدارس عدد من القضايا العلمية والفنية المتصلة بعمل المكتب، ورفع إلى المنظمة توصيات من أهمهاً: تفعيل المرصد المصطلحي، ودعم مجلة “اللسان العربي” وتطويرها وجعلها مجلة محكّمة، وتحديث المعاجم الموحّدة.

وفي صبيحة يوم الخميس، عقد المؤتمر جلسة عاشرة، خُصِّصت لعرض تقارير اللجان المتخصصة.

وفي مساء اليوم نفسه، عقد المؤتمر جلسته الختامية، واستمع فيها إلى:

  • التقرير الختامي والتوصيات الصادرة عن المؤتمر.
  • كلمة ممثل المشاركين ألقاها الدكتور صالح بلعين عضو المجلس الأعلى للغة العربية بالجزائر.
  • كلمة المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، ألقاها الأستاذ الدكتور ميلود حبيبي.
  • كلمة رئيس مجمع اللغة العربية الأردني بعمّان، ألقاها الدكتور عبداللطيف عربيات عضو المجمع.
  • تلاوة برقية الشكر المرفوعة إلى جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم، ملك المملكة الأردنية الهاشمية، تلاها الأستاذ الدكتور عبدالكريم خليفة رئيس مجمع اللغة العربية الأردني، رئيس المؤتمر.

التوجهات العامة للمؤتمر:

برز من خلال الكلمات الافتتاحية ومن البحوث المقدمة وتقارير اللجان وكلمات الوفود ومن كلّ المناقشات أنّ المشاركين، مجمعيين وخبراء أفرادًا، وممثلين لدولهم ومؤسساتهم، مصرّون على مطلب التعريب الشامل الذي يعيد للغة القومية مكانتها ويمكنها من أداء دورها الحضاري والتنموي في المجالات التربوية والعلمية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية باعتبارها لغة القرآن الكريم ورمز كيان الأمة ولسان حالها وأداة تنميتها وعروتها الوثقى.

كما برز من خلال كل فعاليات المؤتمر أن المشاركين، وإن كانوا يدعون إلى زيادة الاهتمام باللغات الأجنبية باعتبارها وسيلة اتصال رئيسية مع الأمم والشعوب الأخرى وأداة مساعدة على نقل العلم والتقانة والمعرفة إلى بيئتنا العربية، فإنهم يلحون على أن تكون للغة القومية الصدارة في كل المجالات وألا تهيمن عليها تلك اللغات الأجنبية أو تهميشها وتقصيها في أي مجال من مجالات الحياة، أو أي مستوى من المستويات التعليمية بما في ذلك التعليم العالي عامة وتعليم الطب والهندسة خاصة. وهم يعتبرون أن التمسك باللغة العربية لغة ثقافة وعلم وتعليم وعمل وتواصل اجتماعي ليس استجابة للمشاعر القومية ومقتضيات تحصين الهوية فحسب وإنما هو -أساساً- استجابة للحقائق الموضوعية التربوية منها والنفسية والعلمية والاجتماعية والاقتصادية التي أثبتت، على مر العصور وعند كل الأمم، أن تعلّم الإنسان بلغته واستخدامه لها ضرورة من ضرورات ازدهار شخصيته الفردية والجماعية، وعامل أساسي من عوامل التماسك الاجتماعي والفردي، وأداة رئيسية من أدوات النجاح الاقتصادي والتقدم الحضاري.

وإذ يسجل المشاركون أن التعريب لم يقطع بعد الخطوات المطلوبة ولم يتقدم بالقدر المأمول، بل إنه تراجع في بعض الأقطار وفي عدد من المجالات كالتعليم العالي والإعلام، فإنه لا يفوتهم أن يسجلوا تواصل تجربة التعريب الرائدة في التعليم العام والعالي الرسمي  في سورية الشقيقة والتقدم الكبير الذي يحرزه السودان الشقيق في تعميم تعريب التعليم العالي في كل التخصصات منذ صدور قرار التعريب عام 1989، بما أثبت أن المصطلح العلمي ليس حجر عثرة في تدريس المواد العلمية باللغة العربية، وأن استيعاب الطلاب بالعربية يفوق بكثير استيعابهم باللغة الأجنبية، وأن المستوى العلمي ارتفع بالتعريب ولم ينخفض به، إضافة إلى أن التعريب قد أدى إلى تطور البحث العلمي التطبيقي وإلى ازدهار حركة الترجمة العلمية.

كما لا يفوت المشاركين أن يسجلوا، باعتزاز، تبنّي قادة الأمة لقضية النهوض باللغة العربية والارتقاء بها عامة وبقضيّة التعريب خاصة. وهم يكبرون ما جاء في إعلان الرياض الصادر عن القمة العربية في مارس/آذار 2007، من عزم قادة الأمة على “تدشين حركة ترجمة واسعة من اللغة العربية وإليها وتعزيز حضور اللغة العربية في جميع الميادين بما في ذلك وسائل الاتصال والإعلام والإنترنت وفي مجالات العلوم والتقنية”، وكذلك ما تضمنه إعلان دمشق الصادر عن القمة العربية في مارس/ آذار 2008 من عزم قادة الأمة على “إيلاء اللغة العربية اهتماماً ورعاية خاصة باعتبارها وعاء للفكر والثقافة العربية ولارتباطها بتاريخنا وثقافتنا وهويتنا لتكون مواكبة للتطور العلمي والمعرفي في عصر العولمة والمعلومات ولتصبح أداة تحديث في وجه محاولات التغريب والتشويه التي تتعرض لها ثقافتنا العربية”.

التوصيات:

وفي ضوء التوجهات العامة التي برزت من خلال فعاليات المؤتمر، وانطلاقاً من البحوث والورقات المقدمة وتقارير اللجان، انتهى المؤتمر إلى مجموعة من التوصيات وذلك على النحو التالي:

– إقرار المعاجم المعروضة على المؤتمر، بعد الأخذ بالتعديلات التي أدخلتها اللجان المتخصّصة والواردة في وثائقها وتقاريرها.

– تحديث المعاجم الموحّدة الصادرة عن مؤتمرات التعريب العشرة السابقة، بدءاً بالمعاجم التي مرّ على صدورها وقت طويل أو التي اتضح نقصها وتقادمها، وذلك بتدقيقها وإثرائها وتزويدها بما ينقصها من تعاريف. ودعوة المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم إلى توفير ميزانية لهذا التحديث.

– دعوة مكتب تنسيق التعريب إلى وضع منهجيّة جديدة متطوّرة لوضع مشروعات المعاجم الموحّدة تستفيد من أحدث المنهجيات الأجنبية والدولية، وتكون بمثابة “نظام جودة” يؤمّن سلامة العمل المصطلحي وجودته، على أن تؤخذ بالاعتبار في هذه المنهجية الجديدة الجوانب التالية خاصّة.

– الحرص على الانطلاق في وضع مشروعات المعاجم من المفهوم العلمي والتّقاني كما تعبّر عنه اللغة الإنجليزية باعتبارها لغة الانطلاق، مع التأكّد من التطابق بين المصطلح الإنجليزي وبين المصطلح الفرنسي.

– دعوة مكتب تنسيق التعريب إلى الحرص على تنويع المجموعة التي يسند إليها إعداد مشروع المعجم الموحّد بحيث تشمل خبراء في مجال المعجم وفي اللغة العربية من مشرق الوطن العربي ومغربه.

– دعوة مكتب تنسيق التعريب إلى إعطاء الوقت الكافي لمراجعي المعاجم.

– دعوة مكتب تنسيق التعريب إلى ضبط مداخل المعاجم والمصطلحات الواردة في التعاريف بالشكل، ولا سيّما في المصطلحات الملتبسة.

– دعوة المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم إلى إنشاء المرصد المصطلحي العربي طبقاً لما قرّرته الندوة التي عقدها مكتب تنسيق التعريب بالتعاون مع جمعية الدعوة الإسلامية العالمية بطرابلس في الجماهيرية في يوليو/تموز 2008، وتمكينه من الموارد المادية والبشرية اللازمة.

– دعوة المجامع اللغوية والعلمية العربية ومكتب تنسيق التعريب والمركز العربي للتعريب والترجمة والنشر بدمشق إلى المزيد من التعاون والتنسيق في مجال التعريب.

– دعوة المكتب إلى الاستمرار في حوْسبة معاجمه في مراحل الإعداد والنشر والتوزيع، والعمل على نشرها على أوسع نطاق.

– دعوة الجهات المعنية إلى دعم مشروع “معجم ألفاظ الحياة العامة” ومشروع “المعجم اللغوي التاريخي” اللذان يتهيّأ اتحاد المجامع اللغوية والعلمية العربية لإنجازهما.

– دعوة الجامعات العربية إلى تطوير تدريس الترجمة والترجمة الفورية كمّاً وكيفاً بما يستجيب للحاجات الحاليّة والمستقبلية.

– دعوة الجامعات العربية ومراكز البحوث العلمية واللغوية والتقانية إلى الاهتمام باللسانيات الحاسوبية وبحوْسبة اللغة العربية بما يساعد على ترقية اللغة العربية وإسهامها في تحقيق مجتمع المعرفة، وتحديد مشروعات بحثية في هذا المجال.

– دعوة المجامع إلى إنشاء مواقع على الشابكة (الإنترنت)، والحرص على تغذيتها باستمرار.

– دعوة مكتب تنسيق التعريب إلى تطوير مجلة “اللسان العربي” شكلاً ومحتوى، والحرص على استمرارها وتوزيعها، وتحويلها إلى مجلّة محكّمة للبحوث اللغوية عامّة والمصطلحية والمعجمية خاصّة.

– دعوة الأمانة العامّة لجامعة الدول العربية إلى حثّ الدول العربية على اتخاذ القرار السياسي لحسم قضية التعريب في المؤسسات التربوية والتعليمية الرسمية والخاصّة في التعليم العام والتعليم الجامعي.

– دعوة الأمانة العامة لجامعة الدول العربية إلى وضع خطّة قومية للتمكين للغة العربية، على أن تستأنس بها الدول العربية لوضع خططها الوطنية.

– دعوة كلّ الجهات المعنيّة إلى تفعيل إعلان قمّة الرياض وقرار قمّة دمشق بخصوص ترجمة الكتب العلمية إلى اللغة العربية بما يحقّق الطفرة الكبرى المنشودة في هذا المجال ويخدم قضية تعريب لغة تدريس العلوم في الجامعات العربية.دعوة اتحاد الجامعات العربية إلى حث الجامعات التي ما تزال تدرّس باللغة الأجنبية على الشروع في التدريس باللغة القومية.

– دعوة رئاسة مؤتمر التّعريب الحادي عشر إلى التوجه بنداء إلى وزراء التربية والتعليم في الوطن العربي كي يعطوا الأولية للغة العربيّة في التدريس والتأليف والبحث.

– تشكيل لجنة متابعة بعد كلّ مؤتمر من مؤتمرات التعريب لتنفيذ القرارات والتوصيات التي تمّ التوصّل إليها في المؤتمر، على أن تتحمل الدول العربية نفقات المتابعة .

وختاماً فإن المشاركين في المؤتمر تقدموا بالشكر الجزيل إلى جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم، ملك المملكة الأردنية الهاشمية، على الرعاية السامية التي أحاطهم بها، وإلى الحكومة الأردنية وإلى مجمع اللغة العربية الأردني وإلى المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ومكتب تنسيق التعريب، التابع لها، على ما أولوه من عناية واهتمام بالمؤتمر والمشاركين فيه، مما ساعد على نجاحه. والشكر موصول إلى كل من ساهم، من قريب أو بعيد، في إعداد المؤتمر وتنفيذه…

المقرر العام

د. عبداللطيف عبيد